الاثنين، أبريل 28

الحاسة السادسة

الحمد لله رب العالمين.
أنعم علينا بالعديد والعديد من النعم.
منها النعم الظاهرة وكذلك الباطنة.
ومن هذا نعمة الحواس
فقد انعم الله علي مخلوقاته بخمس حواس معلومة وهى السمع والبصرو الشم والذوق واللمس .
وتتفاوت قدرة الكائنات على استخدام هذه الحواس.
وفى مقابل الحواس الخمس انعم سبحانه وتعالى على مخلوقاته بالمؤثرات الخمسة.
وهى القدرة على احداث صوت او لفتة او لمسة او رائحة او طعم.
وجعل الله ايضا اختلاف فى القدرة على التعبير باستخدام المؤثرات الخمسة والتأثير بها على الحواس الخمس.
و نعمتى الاحساس والتأثير هما المسؤولتان عن تكوين المجتمعات واستمرار الحياة على هذا الكوكب.
كما انهما ايضا المسؤولتان عن اختلاف المستوى الفكرى لمختلف المجتمعات من الكائنات المختلفة.
فكلما كانت مهارتى التأثير والتأثر أكبر كلما كان المجتمع ارقى واكثر تحضرا.
والاختلاف الواضح بين حضارة بنى الانسان وباقى المخلوقات التى يعرفها يمكن ارجاعه الى عاملين اثنين.
اما الاول فهو تمكينهم مهاريا من استخدام حاستى السمع والابصار.
اما العامل الثانى فإنها القدرة السادسة والتى تؤثر على الحاسة السادسة.
فقد قال الحق تعالى فى سورة الانسان"انا خلقنا الانسان من نطفة امشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا".
فكل المخلوقات من حيوان ونبات قد خلقت من نطفة امشاج وحتى الكائنات الدقيقة.
اما الانسان وهو المبتلى او المختبر فى هذا الوجود فقد خصه الله ليبتليه بأن جعله سميعا بصيرا.
ولو تأملنا فى هاتين الخاصيتين فنجد انهما من اعز ما نملك وهما ما مكننا فيه رب العزة للتعبير عن ذاتنا.
فقد نشأت اللغات كتابة ونطقا من نتاج التمكن من جودة السمع والقدرة على الكلام ثم من جودة الابصار والقدرة على الرسم.
واللغة مبدئيا هى منشأ الحوار بين بنى الانسان ووسيلة تبادل المعلومات والمعارف وسبيل التفاهم.
ثم من بعد اللغة يأتى التأثير الاقوى من النطق بالكلمات والرسم بالاقلام.
وهو المعنى الحقيقى للحضارة الانسانية.
انه نعمة عظمى قد اخفاها الله داخل اغوار النفس البشرية.
ودليل اخفائها انك لن تجد لها اسما صريحا او معنى مباشر فى اى لغة.
انها القدرة السادسة التى تستقبلها لدينا الحاسة السادسة.
هكذا سميت لعدم وجود مسمى لها فى اللغات.
فمهما تكلمنا فما جدوى الكلام ان لم يحدث ما نسميه بالتأثير أو الاثارة.
ومهما كتبنا فما فحوى الكتابة ان لم يكن النص مؤثرا او محرك للمشاعر.
ومهما سمعنا فما جدوى الانصات ان لم يحرك الكلام دواخلنا.
ومهما قرأنا فما الافادة مما قرأناه ان لم يستقبله شييء ما بداخلنا نسميه المشاعر.
ان فنون الكلام كثيرة ومنوعة.
وللتوضيح فإن الفن هو التمكن والصنعة.
وهنا يصنف التمكن فى الكلام الى تمكن بيانى وتمكن حسى.
وكلاهما لا يرمى الى الاذن التى تسمع ولا الى العين التى تقرأ.
بل الى القلب الذى يحوى الحاسة السادسة التى لم تسمى.
ان الكلام سواء كان آية من الذكر الحكيم أو حديث أو خطاب أو قصيدة شعر أو سطور قصة.
انما يخاطب الحاسة السادسة فينا.
ونأخذ المثال القرآن الكريم.
فكلنا يمكنه قراءته على نفسه أو على غيره.
ولكن هناك من يقرأ عليك القرآن فيصلك المعنى الحقيقى من خلال قراءته.
وذلك لانه متمكن من تلك القدرة السادسة.
ونصف هذا القارئ بان لديه احساس راقى بما يقول.
ما هو هذا الاحساس؟
أهو سمع أم بصر أم شم أم ذوق أم لمس؟
بل هو احساس سادس بما يقول.
ونصف هذا القارئ بان له قدرة خلابة على التأثير؟
ما تلك القدرة؟
اهى نطق أم تلويح أم تعطير أم أطعام أم تربيت؟
بل هى قدرة سادسة على التأثير.
نكاد نجزم جميعا على انه لو شرد ذهنه قليلا عما يقول.
فسيفقدنا لذة ما نسمع.
إذن فإن الحاسة السادسة موجودة بالفعل وهى نعمة من نعم الله على بنى آدم.
والقدرة السادسة هى التأثير على الحاسة السادسة.
وقد ذكرت الحاسة السادسة فى القران الكريم وهى حاسة الفقه.
حيث قال المولى عز وجل" إنا جعلنا على قلوبهم اكنة أن يفقهوه وفى آذانهم وقرا وإن تدعهم الى الهدى فلن يهتدوا إذن أبدا"
صدق الله العظيم

ليست هناك تعليقات: