الخميس، فبراير 3

بيان هام^^^^^^^^^^لكل مصر

لقد حققم شباب مصر نصرا ديموقراطيا لم ننل منه قبلكم سوى أحلاما نستعذبها وآمالا لا نرجوها ولا يسموا إليها طموحنا.







وكان يحول بيننا وبينكم خوف قديم.
 وتحرسكم قلوبنا من خوف دخيل نزع إلينا من جهات واتجاهات عدة:






أولا: خشينا أن يركب الموجة أيا من القوى السياسية المتعطشة لممارسة الإدارة والتى عانت فى سبيل ذلك الكثير و بذلت الكثير وأخيرا وجدت الفرصة السانحة ولا يبقى سوى التحاور مع القوى الجريئة التى حققت المحال ولا تفتقر إلا لأب جاهز يتبناها.






ثانيا: خشينا أن تتصارع تلك القوى السياسية حولكم ويتقاسموكم فيما بينهم وتضيع القضية برمتها ما بين تشيعهم القديم وتفرقكم الجديد.






ثالثا: خشينا عليكم من حيل النظام الحالى وما شهدناه من إشاعات تخويف الشارع وإجهاض السجون من أجل إعادة السيطرة على الوضع بدون أدنى خسائر سياسية أو إهدار لمكتسبات حققوها لصالح السلطة وضد حرية الشعب.






وبحمد الله كنتم كبارا فى فهمكم وعظاما فى عصيانكم و جبارين فى تمردكم فتمكنتم من نيل سباق لكم على مستوى تاريخ أمتكم. والشعوب العربية.






ولكن.






ما لم يكن ليدخل فى تلك الحسابات هو ما نسيناه من فرحتنا بكم وبإنجازكم.






كيف لم يخطر ببالنا أن نخشى عليكم منكم؟






أيها الشباب






إن الجرأة وحدها لا تكفى وليست هى الشجاعة فالشجاعة خلق شمولى الجرأة طرف هام فيه.






الشجاعة أولا هى القدرة على المواجهة بصفة عامة وشمولية. أما الجرأة فهى جزء منها وهو مواجهة الأخر واستنفاره وجها لوجه باذلين الروح والبدن.






أما أهم أوجه الشجاعة فهو مواجهة الذات ومعرفة القدر أى تقدير القوة والقدرة والدهاء لك وللآخر ثم التصرف بحكمة وقدر.






وآسف أن أقول إن هذه الأعضاء الخلقية لا يكتمل نموها ونضجها إلا بعد الأربعين خريفا.






وتلك من حكمة الخالق حتى تتكامل العباد فلا يصلح أبدا من اكتفى بعقله ولم يطلب النصيحة من مختلف عنه فى المكان والزمان والاتجاه.






أخبركم أخوانى وأتمنى لكم من كل قلبى لصالح مصر وصالحنا جميعا. كما كنتم أكثر منى ومن جيلى كله جرأة وجسارة أن تكونوا أيضا أكثر شجاعة.






لقد نصركم الله نصرا عزيزا فحافظوا عليه من أجل تاريخ جيلكم. من أجل عزة وطنكم.






إن لم تفعلوا فسيأكل من قصعتكم القاصى والدانى.
وستلتهم الضباع فريستكم ويتكاثروا عليكم. من السلطة والقوى السياسية من الداخل ومن الخارج من غيركم بل ومنكم.






القناعة بما حققتموه و أجلسكم على قائمة المفاوضات مع أعلى مستوى سياسى فى الدولة بل فى العالم وأنتم تعلمون ذلك جيدا.






القناعة بما أنجزتموه وأنتم منتصرين قبل أن تجروا أذيال الخيبة والندم وينهشكم ذئاب تعلموها إلى مزابل لا تستحقوها بتهم لم ترتكبوها.






واعلموا أنه ليس بعد التمام إلا النقصان وليس بعد النضج إلا الذبال.






وليس كل ما يطلبه المرء يدركه تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن.






وأسوق عليكم الأمثلة ممن ترضونه قدوة لعله يكون لكم قناعة.






فلتصلوا على الهادى رسولنا صلى الله عليه وسلم وتذكروه فى صلح الحديبية حين جلس للتفاوض رغم قدرته على خوض المعارك ولكنه كان يعلم أن المستقبل أفضل كثيرا.






فلتذكروا صلاح الدين حين كان منتصرا فى حطين فلم يغامر بنصره بل عززه وظل منتصرا حتى اليوم.






وأذكروا أنور السادات الذى حافظ على نصر لم يكن السلاح ليضمنه له ساعة أخرى.
فحول هزيمة مؤكدة إلى انتصار أقام هاماتنا حتى اليوم.






أخوانى أنتم الآن أولى شرف علينا وفضل لن ينساه التاريخ.


فأرجو من الله أن يمس صدق قلمى نصاعة صفحات قلوبكم. والله لا أريدكم إلا كبارا يفخر بكم تاريخى أمام العالم.


دعهم يقولوا حضارة لم نعهدها من قبل ويتعلموا الدروس من رواء النهر القديم.


دعهم يقولوا لم نرى تسامحا يذيب حماس شباب قاموا على فارس مستبد فلقنوا آبائهم درسا فى النبل.


دعهم يعرفوا أن الثورة فى بلد الحضارة تنتهى بالتفاوض والتصالح للوطن لا بتشريد المستبد أوقتله كما جرت عادات الشعوب.


فنحن قوم أعزاء من أصاب فينا عزيزا ومن أخطأ وعاد عزيزا.






وأخيرا أدعو ربى اللهم ولا تجعلنا ممن قلت فيهم.






" قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا. الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا" صدق الله العظيم.